responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 279
(مَسْأَلَةٌ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ) :
وَبِهِ ظَاهِرٌ فِي الْأَمْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَرْبِيَّ يَضْمَنُ مُتْلِفَهُ وَمُجْنِيَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَفِي شَرْحِ الزَّرْكَشِيّ وَنَقَلُوا وَجْهَيْنِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ دَخَلَ الْكَافِرُ الْحَرَمَ وَقَتَلَ صَيْدًا هَلْ يَضْمَنُهُ؟ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ اهـ.
فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ قَدْ يُفْهِمُ قُوَّةُ كَلَامِ الْفُرُوعِ عَدَمَ ضَمَانِ الْحَرْبِيِّ وَلَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

[مَسْأَلَةٌ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ]
(قَوْلُهُ: لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَعْرِيفِ الْحُكْمِ بِأَنَّهُ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ لَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَهُوَ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا وُجُودَ لَهُ وَالتَّكْلِيفُ إنَّمَا هُوَ بِالْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الِالْتِفَاتِ إلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّكَالِيفِ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ إلَّا بِاعْتِبَارِ تَحْصِيلِهِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَأَوْرَدَ سم أَنَّ مَا هُنَا مُنَافٍ لِمَا سَبَقَ مِنْ تَجْوِيزِ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ نَفْيُ الْجَوَازِ أَيْ لَا يَجُوزُ التَّكْلِيفُ إلَّا بِالْفِعْلِ نَافَى جَوَازَ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ، وَإِنْ أُرِيدَ لَا يَصِحُّ نَافَى قَوْلَهُمْ وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ بِالْمُمْتَنِعِ لِغَيْرِهِ اتِّفَاقًا عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ.
وَأَجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِنَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ جَارِيَةً عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي مِنْ النُّقُولِ وَنِسْبَتِهِ لِأَهْلِ الصَّحِيحِ مَعَ لُزُومِ التَّلْفِيقِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
فَالْأَوْلَى أَنَّنَا نَخْتَارُ الشِّقَّ الثَّانِيَ وَالْمُمْتَنِعُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ فِعْلًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ لَا وُرُودَ لَهُ أَصْلًا نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ اتَّجَهَ مَا أَوْرَدَهُ وَمَا أَوْرَدَهُ النَّاصِرُ مِنْ أَنَّ الِاعْتِقَادَاتِ مُكَلَّفٌ بِهَا بِاعْتِبَارِ أَنْفُسِهَا لَا بِاعْتِبَارِ أَسْبَابِهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَهِيَ مِنْ قَبِيلِ الْكَيْفِ مُتَّجَهٌ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ نَفْسَهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ مَقُولَةِ الْفِعْلِ، وَمَا أَجَابَ بِهِ سم بِأَنَّ مِنْ يَلْتَزِمُ أَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ لَا يُوَافِقُ عَلَى التَّصْحِيحِ الْمَذْكُورِ بَلْ الصَّحِيحُ عِنْدَهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ نَقْلًا عَنْ التَّفْتَازَانِيِّ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ بِطَلَبِ الْمُسَبَّبَاتِ الْأَسْبَابُ اهـ.
لَا يُلَاقِي اعْتِرَاضَ النَّاصِرِ، فَإِنَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ لِلنَّفْسِ الِاعْتِقَادُ إلَّا بِالنَّظَرِ الْمُوَصِّلِ إلَيْهِ.
وَإِنْ قَالَ: إنَّ التَّكْلِيفَ بِالنَّظَرِ الْمُوجِبِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُهُ عَنْهُ فَالْخِطَابُ الشَّرْعِيُّ، وَإِنْ تَعَلَّقَ فِي الظَّاهِرِ بِالْمُسَبَّبِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ بِالتَّأْوِيلِ إلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمُسَبِّبِ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَالْأَحْسَنُ الْمَصِيرُ إلَى مَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ السَّيَالَكُوتِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْخَيَالِيِّ عَنْ الْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيِّ فِي رِسَالَةٍ مُؤَلَّفَةٍ فِي الْإِيمَانِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ الْمَأْمُورِ اخْتِيَارِيًّا وَمَقْدُورًا أَنْ يَكُونَ هُوَ فِي نَفْسِهِ مِنْ مَقُولَةِ الْفِعْلِ عَلَى مَا سَبَقَ إلَى بَعْضِ الْأَوْهَامِ بَلْ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْمُكَلَّفُ بِتَحْصِيلِهِ وَتَتَعَلَّقُ بِهِ قُدْرَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ فِي نَفْسِهِ مِنْ الْأَوْضَاعِ وَالْهَيْئَاتِ كَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ أَوْ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ كَالْعِلْمِ وَالنَّظَرِ أَوْ الِانْفِعَالَاتِ كَالتَّسَخُّنِ وَالتَّبَرُّدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِذَا نَظَرْت لِكَثِيرِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَجَدْته بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ اسْمٌ لِلْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي يَكُونُ الْقِيَامُ وَالْقُعُودُ وَالْأَلْفَاظُ وَالْحُرُوفُ مِنْ أَجْزَائِهَا وَلَا يَتَمَكَّنُ الْعَبْدُ مِنْ كَسْبِهَا وَأَجْزَائِهَا وَمَعَ هَذَا لَا يَكُونُ الْوَاجِبُ الْمَقْدُورُ الْمُثَابُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ إلَّا نَفْسُ تِلْكَ الْهَيْئَةِ، وَإِذَا تَأَمَّلْت فَرَأْسُ الطَّاعَاتِ وَأَسَاسُ الْعِبَادَاتِ الْإِيمَانُ الْمُفَسَّرُ بِالتَّصْدِيقِ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ دُونَ الْفِعْلِ وَمَعْنَى كَوْنِ الْإِيمَانِ مِنْ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِاخْتِيَارِ الْعَبْدِ وَكَسْبِهِ، وَأَوْرَدَ أَيْضًا عَدَمَ شُمُولِ أَمْرِ النَّدْبِ وَنَهْيِ الْكَرَاهَةِ وَالتَّخْيِيرِ، فَإِنَّ لَفْظَ التَّكْلِيفِ لَا يَشْمَلُهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ فِيهَا عَلَى الْمُقَايَسَةِ وَالْعِلْمِ مِنْ تَعْرِيفِ الْحُكْمِ السَّابِقِ.
(قَوْلُهُ: هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْأَمْرِ) اعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ اُتْرُكْ وَدَعْ وَذَرْ وَأَجَابَ سم بِجَوَابَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ الظُّهُورُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ بِنَاءٌ عَلَى الْغَالِبِ وَاقِعٌ حَتَّى فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ الظُّهُورُ فِي غَيْرِ مَا يَكُونُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ بِقَرِينَةِ الْمَتْنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فِي شَرْحِ حَدِّ الْأَمْرِ بِأَنَّهُ اقْتِضَاءُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِغَيْرِ كَفٍّ مَا نَصُّهُ وَسُمِّيَ مَدْلُولُ كَفٍّ أَمْرًا؛ لِأَنَّهُمَا مُوَافِقَةٌ لِلدَّالِ

اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 279
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست